الجفاف يقضي على صناعات وحرف ابناء الاهوار
مهدي الساعدي
اسدل جفاف اهوار محافظة ميسان الستار على العديد من الحرف والصناعات اليدوية والتراثية، التي كان يمتهنها ابناء تلك المناطق، بسبب توفر مقوماتها الاساسية وعلى رأسها وفرة المياه، وما ينتج عنها من صيد الاسماك والطيور وتربية المواشي والزراعة.
صناعات ذات مساس مباشر بحياة الناس وطرق العيش في تلك الاماكن، توارثها اغلب ممتهنيها من ابائهم عن اجدادهم، ممتدة عبر عهود زمنية سحيقة، لفظت انفاسها الاخيرة مع جفاف آخر مسطح مائي في مدينة الاهوار.
ويبين الناشط البيئي احمد جاسم في حديثه الذي خص به (العراق سكاي) “سابقا كانت هناك العديد من مصادر للعيش في مناطق الاهوار، متمثلة بعمليات الصيد والنقل والزراعة بالاضافة الى الكثير من الاعمال والحرف، المتزامن وجودها مع وفرة المياه، ولكنها تلاشت جميعا بعد جفاف الاهوار لأعتمادها بصورة كلية على الماء”.
مضيفا “اختفت صناعة الزوارق في مناطق الاهوار بعد ان كانت احدى الحرف الكبيرة، التي يعتاش عليها العديد من العوائل، كما اختفت صناعة شباك الصيد واختفت ايضا العديد من الحرف اليدوية التي كانت تمتهنها النساء وتلاشت تماما، كما اختفت صناعة حصير القصب (البارية) بسبب جفاف وموت نبات القصب المستعمل كمادة اساسية”.
وفي الشأن ذاته بين ابناء الاهوار ان الصناعات التي كانوا يمنهنونها كانت تساعدهم كثيرا في رفد مستواهم المعاشي، وبأختفائها اصبح لزاما عليهم البحث عن مصادر رزق اخرى.
ابو محمد احد صناع حصير القصب (البارية) يبين في حديثه ل(العراق سكاي) “اختفى القصب الصالح للصناعة تماما في اهوار ميسان، بسبب جفاف الاهوار وما تبقى منه بقايا جافة لا تصلح لأي غرض، واصبح من المستحيل اعادة صناعة (البارية) كونها تصنع من القصب اصلا”.
واشار الى “كنا في السابق نصنع (البارية)، وكانت تمثل مصدر رزق للكثير من العوائل في الاهوار، الذين يتشاركون في عملية الصنع والتصدير الذي يصل الى محافظات عديدة، اما الآن فأضطر ابنائنا الى البحث عن مصادر اخرى للعمل في المدن القريبة من السكن”.
الباحث في مجال الصناعات والحرف اليدوية علي محمود، اوضح ان الصناعات الاهوارية بدأت بالاختفاء تماما، بسبب غياب مقوماتها الاساسية وهجرة ابناء الاهوار، مؤكدا ل(العراق سكاي) ان “الظروف التي عانى منها ابناء الاهوار ساعدت بصورة او بأخرى الى اختفاء اغلب بل جميع صناعاتهم البدائية، التي كانت موجودة بوجود بيئتهم، منها صناعات القصب والطين والخشب والصناعات الغذائية، بالاضافة الى امتهان الصيد والتربية وغيرها، ولم تعد هناك فرصة لعودة تلك الصناعات بسبب غياب مقومات عودة بيئة الاهوار”.
واردف الناشط البيئي الميساني احمد جاسم القول “ابناء الاهوار حاليا يزاحمون ابناء المدينة، وهم يبحثون عن عمل يعتاشون على مردوده المادي، بدل اعمالهم التي كانوا يمتهنونها في الاهوار، ومنها الصيد والزراعة والصناعات والحرف المختلفة”.
وكشف مدير دائرة التغيرات المناخية في وزارة البيئة يوسف مؤيد في وقت سابق في تصريح اعلامي تابعه (العراق سكاي) ان “المحافظات في جنوبي العراق خاصة ميسان وذي قار، تعتبران الأكثر تأثراً بالتغير المناخي، وان المئات من العوائل تهاجر صيفاً إلى المدن بسبب شحة المياه والتغير المناخي، خاصة في مناطق الأهوار”