صمتُ المقابرِ
بقلم :- هاجر قاسم
إني لأعجبُ أشد العجبِ؛ ممن يعجبون من تخاذل حكامِ العربِ واستخذائهم في وقتٍ تنام فيه السقوف على ساكنيها في غزة فلا تحركهم، وكأن كل تلك الأهوال التي عاشتها الأمة في الربيع العربي اسما لا مسمى، وتعيشها، لم يدركوا بعد بأن الأنظمة ما نهضت على ساقها واستوت على سوقها، إلا لأهدافٍ معينةٍ ليس من ضمنها قتال إسرائيل!
وما كانت الحروب السابقة التي جرت مع الاحتلال إلا بدفع شعوبها لها وحفاظا على صورتها عندهم، وقد كانت وما زالت فلسطين طعنة في خاصرتهم وثلمةً في عروشهم، قد لبسوا ثوب العروبة فوجدوه يشير بهم إلى فلسطين، ولبسوا ثوب الإسلام في حقبة ما تسمى بـ (الحرب الباردة) فوجدوه يشير إلى فلسطين، واليوم يلبسون ثوب الوطنية علهم يفلتون من شبحٍ يطاردهم اسمه فلسطين!
لعل كلامي الذي مر يولد عندك سؤالا عزيزي القارئ وتقول: إذا لم تكن إسرائيل عدوهم وهي تحد أظفارها يوما بعد يومٍ لافتراسهم فمن عدوهم إذن؟
عدوهم كلنا يعرفه، ونخاف من هذه الحقيقة، وليس النظام السوري بدعًا من الأنظمة العربية، إنما اضطرته الظروف أن يمارس مع شعبه فطرته التي فطر عليها، وقد كان قبله النظام الناصري، والصدامي والقذافي، وقس على ذلك.
– لعل سؤالا آخر يبزغ في ذهنك عزيزي فتقول: ما الذي تغير اليوم حتى أصبح التطبيع والاستخذاء سافرا هذه المرة ولم تُدفع الأنظمة من شعوبها كما كانت تدفع على زعمك في الصراع من أجل صورتها؟
– أنه الربيع العربي، من أسقط كل الأقنعة وجعل الأنظمة تتخلى عن فكرة تضليل الوعي التي كانت تمارسها، لقد أدركت أن الشعوب تستفيق من غفلتها في يوم وتمحو كلما مضى من تجهيل واستغفال، فأصبح يقيننا عندهم أنه حل فاشل وأن التعويل على الأسلحة في المخازن والشرعية الغربية التي تثبت دعائكم الحكم هما وحدهما ما يعول عليهما.
ولا أقول لك هذا عزيزي القارئ لأصدمك بل لأريك أين موقعك من سنين التيه التي نعيشها الآن وأنْ لا تعجب!
لذا لا أعلم كيف يكون الإنسان مناصرًا ويملك قرارًا في الاختيار وهو مكبّل بالتبعية والفئوية والحزبية .
علي شريعتي.