غاز الرادون وجه اليورانيوم الخفي
بقلم :- معتز حكمت السعد
يعرف التلوث البيئي بانه ادخال اي نوع من الملوثات للبيئة مما يسبب الضرر للبيئة و يؤدي الى الاضرار بالنظام البيئي ومن الجدير بالذكر ان الملوثات البيئية قد تكون مواد صناعية دخيلة على البيئة او مواد طبيعية من البيئة نفسها لكن زادت عن حدا المقبول فأصبحت نوع من انواع التلوث الطبيعي للبيئة وقد تعرضت الارض على مدى عدة قرون ماضية لكثير من التلوث بسبب اهمال الانسان لبيئته بأشكال متعددة منها الافراط في الاستخدام او الهدر او الملوثات الصناعية او الحروب واي خلل في اي جزء من الكوكب سوف يؤثر على الانسان بالضرورة وعلى باقي الكائنات الحية تأثيرا” مباشرا” وقد ينتج مشكلات لا يمكن مواجهتها او علاجها وقد تتنوع اشكال التلوث وعلى راس تلك الانواع تلوث الماء والهواء والتربة .
وشهدت البيئة والتربة العراقية تلوث معقدا” ومستمرا” شمل كل عناصر السلسلة الغذائية من نبات وحيوان وهذا ما ترجمته بكل وضوح الحالات المرضية المزرية للإنسان المتمثلة بظهور الحالات السرطانية والتشوهات الخلقية والعقم وهذا الخراب الذي لحق بالبيئة العراقية جراء الحروب السابقة وخاصة محافظة البصرة العزيزة منبع الخيرات في العراق وفي نفس الوقت اكثر محافظة عانت ولازالت تعاني من اضرار الحروب والتلوث النفطي وقد شهدت ايضا” التلوث الاشعاعي بسبب الحروب السابقة وقد ساهم هذا النوع من التلوث بارتفاع نسب السرطان وقد اخذ هذا النوع من التلوث يزداد في عالمنا نتيجة ولوج الانسان عالم الذرة واستخدام الطاقة الكامنة فيها اما للأغراض الحربية او للاستعمالات السلمية واخذ ينجم عنه تسرب اما عن حدوث خلل في المفاعلات او عن زيادة مشكلة التخلص من النفايات المشعة وبهذا ينتج تلوث اشعاعي غير مباشر يبدأ بسقوط المواد المشعة من الجو الى الارض وبالتالي تتركز بالحيوانات والنباتات التي تحصل على غذائها من التربة والماء وبذلك يتعرض مستهلكوها لخطر دائم .
تمر العناصر المشعة بشكل عام بدورة طبيعية عبر عناصر البيئة الرئيسية من ماء وهواء وتربة .
حيث تختلف الاوساط الناقلة للمواد المشعة في خواصها الكيميائية والفيزيائية والذي ينعكس على زمن مكوث المواد المشعة في الوسط وانتقالها للإنسان والهواء عادتا” وسط متحرك وينطوي على تلوث سريع الانتقال وتعد المسطحات المائية والمياه الجوفية وسط متوسط الحركة ويؤدي الى انتقال متوسط السرعة ومن جهة اخرى تعد التربة وسط ساكن نسبيا” مقارنة مع الهواء والماء ويؤدي الى تلوث قصير وبعيد الامد وتعود اهمية التربة هنا الى انها المستقبل النهائي للمواد المشعة وان دورها بعيد الامد يكون كمستودع للمواد المشعة وبنفس الوقت كمصدر لهذه المواد في تلوث الهواء والماء وبالتالي النبات والانسان.
ومن اهم العناصر المشعة في البيئة الداخلية هو الرادون غاز الرادون عديم اللون والرائحة وينتشر من التربة الى الجو بواسطة انتشار الجزيئات وينتج الرادون من الانحلال الاشعاعي الطبيعي لليورانيوم الموجود في جميع الصخور والتربة وكذلك يمكن العثور عليه في الماء وقد تم ملاحظة ارتفاع معدلات الاصابة بسرطان الرئة لأول مرة بين عمال المناجم اليورانيوم عند التعرض لتراكيز عالية جدا” من الرادون كما اكدت الدراسات في اوربا ان حتى التعرض الى تراكيز منخفضة من الرادون كتلك المنتشرة بشكل شائع في الاماكن السكنية تؤدي الى مشاكل صحية وتسهم في حدوث سرطان الرئة في مناطق مختلفة من العالم.
الرادون :
غاز مشع عديم الطعم واللون والرائحة وهو من المصادر الطبيعية للإشعاع الذري الذي يتكون في سلسلة تفكك اليورانيوم 238 وهو اثقل من الهواء بسعة مرات ونصف حيث تم اكتشافه في اوائل القرن الماضي وكان يعتقد حتى وقت قريب انه نافع وامن حتى تبين انه وولائده يمثل نصف الجرعة الاشعاعية التي يتعرض لها عموم الناس من المصادر الطبيعية مجتمعة وهو ثاني اكبر مصادر الاصابة بسرطان الرئة بعد التدخين لمن يتعرض لتراكيز مرتفعة منه لفترة طويلة ويحتوي العديد من المساكن على تراكيزمرتفعة من غاز الرادون دون علم ساكنيها لذلك تبذل الحكومات دورا” حثيثا” لتحديد المساكن والمباني ذات التراكيز المرتفعة من غاز الرادون ووضع الحلول الفاعلة لمواجهة المشكلة .
مستويات الرادون في المنازل :
يدخل غاز الرادون الى المبنى بشكل رئيسي من الارض عن طريق الفراغات الموجودة في هيكل المبنى وكذلك يدخله بدرجة اقل عن طريق مواد البناء والماء المغذي للمبنى ونسبة الغاز هذا داخل المبنى عادتا” اعلى من خارجها وتركيزه في المبنى يعتمد على درجة التهوية فيه فاذا قل معدل التهوية الى النصف ازداد تركيز الغاز الى الضعف على فرض ثبات العوامل الاخرى نتيجة قلة اختلاط الهواء داخل المنزل بالهواء الجوي الذي يحوي تركيز منخفض من الرادون ومن هنا نشأ الخوف داخل المنزل من ان تقود وسائل حفظ الحرارة والبرودة داخل المنزل لغرض توفير استهلاك الطاقة الى ارتفاع تركيز غاز الرادون فيها كما حدث في السويد . وتركيز غاز الرادون في المساكن يختلف باختلاف معدل انتاج هذا الغاز في الارض المقام عليها ومعدل ما يصلها منه فمعدل الانتاج يعتمد على مقدار ما تحويه التربة من يورانيوم اما معدل ما يصل المسكن يعتمد على نفاذيتها ونسبة الرطوبة فيها.
الحدود الاشعاعية لغاز الرادون:
قدمت وكالة حماية البيئة الامريكية توصية بان يقوم الناس بإصلاح بيوتهم اذا كان تركيز الرادون يتجاوز 250 بيكرل/ م3 وسمي هذا بمستوى التدخل في حين رفعت بريطانيا مستوى التدخل الى 200 بيكرل/م3 ولا تعني هذه بالضرورة انها مستويات امنة اذ ليس هناك مستوى امن للتعرض للرادون كما هو الحال في جميع المسرطنات حيث ان مستوى تعرض مهما بلغ شانه قد يشكل خطر من مخاطر الاصابة بينما يقل هذا الخطر بانخفاض مستوى التعرض للإشعاع
مخاطر غاز الرادون :
يقود استنشاق غاز الرادون الى ترسب ذرات من عناصر مشعة على جدران الرئة وخاصة بمنطقة العشيبات الرئوية واثناء تفكك هذه الذرات تطلق جزيئات الفا التي تشجع خلايا انسجة الرئة التي تمر بها مما قد يحولها الى خلايا سرطانية ويعتمد معدل الاصابة بسرطان الرئة على مقدار ترسب الذرات المشعة في الرئة وهذا ايضا” يعتمد على عدة عوامل من ضمنها تركيز غاز الرادون وولائده في الهواء كما يعتمد بمدى التصاق الولائد بذرات الهباء الجوي وحجم هذه الذرات ومعدل التنفس.
وعلى الرغم ان الرادون خامل كيميائيا” وغير مشحون بشحنة كهربائية فانه نشط اشعاعيا” فانه يتحلل منتج ذرات من عناصر مشعة اخرى وتكون هذه العناصر مشحونة بشحنة كهربائية ويمكن ان تلتصق بذرات الغبار الموجودة في الجو وعندما يتنفسها الانسان تلتصق بجدار الرئتين وهي تتحل بدورها الى نوع من الاشعاع يدعى جسيمات الفا وهي نوع من الاشعة المؤينة التي تؤدي الى تأين الخلايا الحية وهذا يؤدي الى اتلافها نتيجة تدمير الحامض النووي لهذه الخلايا DNA وهي الخطوة الاولى لتكون سرطان الرئة ولكن لحسن الحظ فان اشعة الفا هي عبارة عن جسيمات ثقيلة نسبيا” تستطيع الوصول لمسافات قصيرة في جسم الانسان وبالتالي لا تستطيع الوصول الى خلايا الاعضاء الاخرى لتدميرها وبذلك يكون سرطان الرئة هو الاخطر والاهم الذي يصاحب غاز الرادون.
ولان هذا الغاز من نواتج تحلل اليورانيوم لذلك هو موجود بالترب والصخور وبالذات الترب الجرانيتية والفوسفاتية وتكون تراكيزه عالية في الاماكن الصخرية او الحجرية المغلقة مثل اقبية المنازل والمناجم.
طرق الوقاية من غاز الرادون :
هناك اربعة حلول دائمة يجب ان نفكر بها للحد من انبعاثات غاز الرادون داخل منازلنا اثنان منها تحتاج الى مهندس متخصص بشفط الغاز من التربة واحكام اغلاق الاماكن والفتحات التي يتوقع تسرب الغاز منها واثنان بإمكاننا تنفيذها ذاتيا” ونتخذ منها سلوكا” وقائيا” نمارسه في حياتنا سواء كان هناك غاز او لم يكن وهما التحكم بضغط الهواء داخل المنزل وزيادة التهوية بداخله.
ومن اهم التوصيات المعتمدة للتقليل من اثار غاز الرادون :
- قضاء وقت اقل في الاماكن التي يكون فيها تراكيز غاز الرادون عالية مثل الاماكن المنخفضة في المنازل كالسرداب والمراب
- فتح جميع النوافذ وتشغيل المراوح لزيادة تدفق الهواء في المنازل كلما امكن ذلك
لاسيما الاماكن المعرضة لوجود الغاز كالسرداب والغرف الداخلية
- عدم استخدام المياه الجوفية للطهي والشرب
- عدم استخدام مواد البناء التي تحتوي على صخور الجرانيت والبازلت والصوان كقواطع جدرانية او ارضيات
- التوقف عن التدخين وحث الاخرين على عدم التدخين داخل المنزل
- ابقاء فتحات التهوية مفتوحة طول العام بالأماكن الضيقة او المنخفضة السطح الموجودة بأسفل المنازل وعلى جوانبها.