غزة و صراعات الطاقة والاقتصاد وسلاسل التوريد أبعاد استراتيجية وتداعيات إقليمية ودولية 

 

 

بقلم الخبير المهندس :- حيدر عبدالجبار البطاط

تُعَدُّ الطاقة ورأس المال الركيزتين الأساسيتين لتحريك السياسة العالمية، وهما العنصران الحاسمان في صياغة مستقبل الدول والشعوب.

في هذا الإطار تأتي الحرب على غزة كجزء من معادلة اقتصادية تتجاوز البعد العسكري التقليدي، لترتكز على أبعاد استراتيجية تتعلق بالطاقة، وسلاسل التوريد والنقل البحري.

أولاً

الغاز والطاقة – حرب على مستقبل المنطقة

حقول الغاز العملاقة الواقعة قبالة سواحل غزة، إسرائيل لبنان وسوريا تعدُّ من أهم مصادر الطاقة العالمية.

ومع تزايد الطلب العالمي على الغاز الطبيعي تتفاقم المنافسة الدولية على هذه الموارد

سياسات السيطرة الإسرائيلية على حقول الغاز

زعزعة استقرار دول الجوار

تعمل إسرائيل على إبقاء سوريا ولبنان في دوامة من الأزمات السياسية والاقتصادية بهدف تعطيل قدرتهم على استثمار هذه الحقول المشتركة.

تهجير سكان غزة

تُعد غزة بوابةً طبيعية لهذه الحقول ما يجعل تهجير سكانها خطوة استراتيجية نحو السيطرة المطلقة على هذه الموارد.

المنافسة على إمدادات الغاز الأوروبية

تشير الحرب الروسية-الأوكرانية إلى أهمية الغاز في الصراع العالمي حيث تسعى إسرائيل إلى ملء الفراغ الناجم عن تراجع إمدادات الغاز الروسية لأوروبا متحولةً بذلك إلى مزود رئيسي يضمن تبعيتها الاستراتيجية للغرب.

ثانياً

سلاسل التوريد والنقل البحري – السيطرة على الطرق العالمية

يشكل النقل البحري 85% من التجارة العالمية، ما يجعله أداة استراتيجية في التنمية الاقتصادية والسيطرة السياسية.

القناة الإسرائيلية (قناة بن غوريون)

يهدف هذا المشروع إلى ربط خليج العقبة بالبحر المتوسط مما يهدد مكانة قناة السويس كأهم شريان ملاحي عالمي.

انعكاسات المشروع

تنفيذ القناة سيمنح إسرائيل قدرة اقتصادية واستراتيجية كبيرة وسيؤثر سلباً على إيرادات مصر من قناة السويس مُضعفاً الاقتصاد المصري.

ثالثاً

مشروع الخط الهندي-الجزيرة العربية-أوروبا

تعمل الولايات المتحدة على تفعيل خط نقل يمتد من الهند مروراً بالجزيرة العربية وإسرائيل وصولاً إلى أوروبا. هذا المشروع يُعَدُّ جزءاً من المنافسة مع مبادرة الحزام والطريق الصينية التي تهدف إلى ربط آسيا بأوروبا وإفريقيا.

ضرب المصالح الصينية

يهدف المشروع إلى تقليص الاعتماد على الممرات التي تسيطر عليها الصين وتوسيع نفوذ الولايات المتحدة وحلفائها.

الانعكاسات الجيوسياسية

تنفيذ هذا الخط سيعزز التعاون بين إسرائيل ودول الخليج، ويعيد تشكيل التحالفات الاقتصادية والسياسية في المنطقة.

أبعاد الحرب على غزة

قراءة استراتيجية

تظهر الحرب على غزة كجزء من الصراعات الكبرى حول الموارد والسيطرة على الممرات الاقتصادية.

ما يحدث لا يمكن فهمه بمعزل عن سياق الصراع العالمي على الطاقة وسلاسل التوريد حيث تسعى إسرائيل إلى استغلال موقعها الجغرافي والموارد المحيطة لتحقيق هيمنة استراتيجية على المنطقة.

إن فهم الحرب على غزة من زاوية الطاقة والاقتصاد يعكس أبعاداً أعمق للصراع في الشرق الأوسط.

ما يبدو للوهلة الأولى صراعاً محلياً يحمل في جوهره إرهاصات تغييرات كبرى في موازين القوى الاقتصادية والسياسية الدولية.

تعزيز الوعي بهذه الأبعاد ضروري لفهم مستقبل المنطقة ودور الدول الفاعلة فيها.

هذه القراءة تستند إلى رؤية تحليلية تستشرف أبعاد الصراع وأثره على موازين القوى الاقتصادية العالمية وتدعونا إلى التفكير في تأثير هذه التغيرات على المنطقة بأسرها.

زر الذهاب إلى الأعلى