غياب القوانين وراء انتشار جرائم الابتزاز الالكتروني، والنساء ضحاياه

 

بغداد – سارة القاهر

تشكل جرائم الإبتزاز الالكتروني تحديات كبيرة امام الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية بوصفها تهديداً يهز اركان الاسر العراقية ويهدد المجتمع، لما يترتب على هذه الجرائم من عواقب وخيمة.

ومنذ انتشار شبكات الانترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي في العراق بعد عام 2003 وحتى الان، واجهت العاصمة بغداد والمحافظات الاخرى سيلاً من الجرائم الالكترونية عامة وجرائم الابتزاز الالكتروني تحديدا، ولم يكن بوسع الشرطة المجتمعية واجهزة القضاء ضبط الا عدد من الحالات التي يعلن عنها، وهي قليلة بالقياس لجرائم الابتزاز غير المعلنة.

ولاتكاد تخلو مدينة من المدن العراقية، بما في ذلك المدن المقدسة، من هذه الجرائم التي غالباً ماتستهدف النساء والفتيات.

وتبذل الجهات الرسمية وبعض منظمات المجتمع المدني جهوداً كبيرة في عقد الورش والندوات التوعوية في الجامعات والمدارس واوساط اجتماعية مختلفة للتحذير من هذه الجرائم وتوضيح اليات التعامل معها.

وفي هذا الاطار اطلقت مؤخراً منظمة “نايا” برعاية من رئاسة الوزراء وبالتعاون مع المجلس الاعلى للشباب ودائرة المنظمات غير الحكومية حملة واسعة لمكافحة الابتزاز الالكتروني.

استهدفت الحملة الفتيات والنساء بمختلف انحاء البلاد، بهدف رفع الوعي والتحذير من خطر الابتزاز الالكتروني عبر المنصات الرقمية، وتزويد النساء بوسائل فعالة لحماية انفسهن من الوقوع ضحايا لهذا النوع من الجرائم.

يقول الباحث الاجتماعي علي سرحان ورد، ان لجرائم الابتزاز اسباب عديدة تتعلق بسلوك الاشخاص وميلوهم وطرق تفكيرهم وتعاملهم مع الحياة.

ويؤكد ، ان من ابرز اسباب هذه الجرائم الرغبة في الحصول على المال والانتقام في حال العلاقات العاطفية الفاشلة ، او لاشباع غرائزهم.

ويضيف، للابتزاز عبر المنصات طرق عديدة ولكنها سهلة احيانا، لكنها تقود الى نتائج كارثية.

ويشير، الى ان انسياق الفتيات احيانا وراء مرتكبي هذه الجرائم يفاقم المشكلة، خاصة اذا كان هناك تبادل لرسائل نصية او مكالمات صوتية او مقاطع فديو لفتاة ، لان هذه الامور من شأنها ان تجعل الفتاة فريسة لتهديدات المبتزين التي قد تتجاوز احيانا اشباع الرغبات او الاكتفاء بقدر معين من المال ، وحين تعجز الفتاة عن تلبية ما يريد تلجأ الى الانتحار كحل اخير للحفاظ على سمعتها ، وهذا مايفسر بعض حالات الانتحار عند الفتيات والنساء.

يلفت ورد ، الى انه يمكن للمبتز الحصول صور لفتاة منشورة على صفحاتها الخاصة، ويقوم بعمل “الفوتو شوب” لتلك الصورة او يلجأ الى وسائل تقنية اخرى لاظها صورة الفتاة بمظهر غير لائق ليقوم بعد ذلك بابتزازها .

تسهم الاعراف والتقاليد الاجتماعية التي تطوق الفتيات اللواتي يتعرضن للابتزاز احيانا بزيادة معاناتهن، فهن يخشين مفاتحة الاهل بمثل هذا الموضوع الحساس او الذهاب الى مراكز الشرطة لتقديم شكوى توضح تعرضهن لجريمة الابتزاز الالكتروني خشية النتائج.

وفي الضد من ذلك ، يلعب الاهل والاصدقاء دوراً مهما في مساعدة الضحايا على تجاوز المشكلة وعدم الانصياع لمرتكبي جرائم الابتزاز الالكتروني من خلال الوعي والتعاون مع الفتاة والتوجه الى السلطات لعرض جريمة الابتزاز، ومن شأن وعي الاهل وتعاونهم تخفيف الضغط النفسي عن الفتاة التي تتعرض لجرائم ابتزاز الكتروني.

يشير صاحب باقر حسن استاذ علم النفس الى اهمية تعاون الاهل مع ضحايا جرائم الابتزاز الالكتروني ومع الجهات المختصة لأهمية ذلك في كشف تلك الجرائم.

وينوه الى ضرورة ان لاينخدع الاهل سريعاً بمجرد رؤية صورة لابنتهم، دون ان يتمعنوا جيداً بتلك الصورة ويفهموا طريقة الحصول عليها عبر الحوار والتفاهم مع الفتاة.

ويلفت الى ان توجيه الاتهام مباشرة الى الفتاة وعدم تصديقها او السماح لها بالدفاع عن نفسها يصيبها بالانهيار، وهذا مايساعد المبتز على تحقيق اهدافه.

ووفق احصائية مديرية الشرطة المجتمعية في وزارة الداخلية سجل العراق خلال عام واحد 1950 حالة ابتزاز إلكتروني، وان معظم الضحايا الابتزاز هم من فئة النساء ومن بينهن فتيات في سن المراهقة وأطفال دون سن 14 عاماً.

لايكترث المبتزون لهوية الاشخاص ووضعهم الاجتماعي واعمارهم، لان جرائم الابتزاز الالكتروني تشمل مراهقات وطالبات ونسوة متزوجات ، مايدل على ان المجرمين لاهدف لهم غير اشباع غرائزهم والحصول على المال او تحقيق اهداف انتقامية.

ويشكل غياب القوانين الحديثة ثغرة كبيرة في ملف جرائم الابتزاز الالكرتوني خاصة وعموم الجرائم الالكترونية والرقمية ، فبالرغم من مضي سنوات طويلة على تغيير النظام السياسي في البلاد، لايوجد حتى الان قانون صريح للتعام مع الجرائم الإلكترونية وجرائم الابتزاز على وجه التحديد، وتلجأ اجهزة الشرطة المجتمعية ومديرية مكافحة الاجرام للتعامل مع هذه الجرائم وفق قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 ،

وفي محاولة للحد من انتشار جرائم الابتزاز الالكتروني خصصت وزارة الداخلية خطا ساخناً للابلاغ عن هذا النوع من الجرائم من اجل معالجتها سريع

اً

زر الذهاب إلى الأعلى