سد بخمة المنقذ والموحّد لهايدروليجيا العراق
بقلم جمعة الدراجي
سد بخمة احد الطاقات الخزنية عالية التصاريف والمتعدد الاغراض في العراق ، يقع شمال شرق مدينة اربيل 60 كلو متر ويقع على الزاب الاعلى والذي تقترب واردته المائية من تصاريف مياه نهر الفرات الورادة عند مدخل الأراضي العراقية ويشكل اكثر من 33 بالمئة من واردات نهر دجلة و اكثر واردته حصاد مياه محلية من الهطول المطري والثلجي المتساقطة على الأراضي العراقية وهناك نسبة من تلك الواردات تصل الى 40 بالمئة ترد من المرتفعات الحدودية لدول الجوار غير مسيطر عليها وليست لديهم جدوى اقتصادية بحجبها او تغيير مسارها نحو اراضيهم. ان هذا المجرى المائي المهم لم ينشأ عليه سدود او خزانات للتصرف بها في الوقت المناسب بل تذهب مياهه بصورة غير مسيطر عليها وكيفما تحددها طبيعة الجريان تبعا لحالة الطقس ان كان رطبا تهدر او جافا يحدث نقصا في احد اهم مغذيات نهر دجلة، تم اقرار سد بخمة من مجلس الاعمار العراقي عام 1956، بعد ان ايدت تصاميمه عدد من الشركات الهندسية العالمية الرصينة المتخصصة بانشاء السدود ، فباشرت شركة هرزا الاميركية بالشروع بتدقيق الدراسات الجيولوجية وتنفيذ التصميم وتوقف نتيجة نقص التمويل البالغ التكاليف على الحكومة في ذلك الوقت المقدرة بمليار ونصف المليار دولار .وبدء العمل فيه عام 1979، توقف بعد الحرب العراقية الايرانية . وفي عام 1988باشرت شركتا إنكا التركية وهايدروكرافينا اليوغسلافية في تنفيذ مراحله الاولى ، وتوقف فيه العمل نتيجة حرب الخليج عام 1991، بعد ان انجز منه اكثر من 33 بالمئة تعرضت معدات وآليات الشركات الى النهب والسرقة وكذلك المواد الاولية الانشائية وبعدها اضطرت الحكومة العراقية الى تعويض الاضرار الى تلك الشركات، والى عام 2016 كان السد يشكل المرتبة الرابعة على مستوى السدود في العالم وقد تراجع الى المرتبة الخامسة بعد اكمال الصين سد الممرات الثلاثة الذي يعتبر اكبر كتلة خرسانية ومائية في بقعة محددة من الكرة الارضية والمتسبب بتراجع دوران الارض حول نفسها بمقدار 0,06 من اجزاء الثانية بعد ان تربع على الصدارة سد هوفر على نهر اليكاردو في الجنوب الاميركي لاكثر من سبعين عام.
لذا يعد سد بخمة ( لو ) انجز خامس سد على مستوى العالم واول سد في العراق ، وله طاقة خزنية للتصريف تصل الى 17 مليار متر مكعب بمساحة سطحية تصل الى 100كم مربع ، اي ضعف الطاقة الخزنية لسد الموصل ويضاهي سد النهضة على نهر النيل في اثيوبيا الذي يصل الى 18 مليار متر مكعب، كما ان فوائد السد بالدرجة الاولى الى ابناء شعبنا في اقليم كردستان اكثر من باقي المناطق في العراق من ناحية التزود بالكهرباء إذ ينتج 1600 ميكاوات، وانعاش الاراضي الزراعية ضمن حوض الاقليم او منتجع سياحي جاذب للاستثمارات المربحة ، وقد اكد عدد من الخبراء في مجال المياه بان هذا السد المعول عليه للقضاء على شحة المياه في العراق والحد من الفيضانات الطارئة في المواسم الرطبة والمكمل للنظام الهايرولوجي في العراق ، ولما وافق مجلس الوزراء الاتحادي العراقي على تخصيص مبلغ خمسة مليارات دولار لاستكمال مراحله المتبقية عام 2007 اعترضت حكومة الاقليم.
ان تعطيل السد يعد انتهاكا خطيرا للدستور والقوانين العراقية .
ونحن ابناء بلدٍ واحد ولا اضن بان الشعب الكردي يرضى لاخوانهم في الجنوب يتضوعون عطشا ، وهل صحيح بان حكمومة الاقليم تريد من هذا المشروع ورقة ابتزاز لحكومة المركز؟ ام انها ورقة سياسية تضاف لمجموعة اوراق خلافية بين المركز وحكومة الاقليم ?. وهل ان النظام الفيدرالي يسمح بانضمام الاقليم الى المحيط الاقليمي المتسبب بالتعطش العمدي للعراق ؟ . اقول هذا واعبر للقراء عن الصدمة التي نقلتها وسائل الاعلام يوم 11 ايار 2023 بحضور كافة الاطراف الحكومية بالاحتفالية التي اقامها السيد مسعود برزاني بافتتاح قرية البرازن وانشاء متحف ومنتجع داخل حوض السد الاتحادي ، متجاوزا كافة القوانين العراقية بالتجاوز على حوض السد واضعا تلك القيادات السياسية العراقية المحترمة وعلى رأسهم الرئاسات الثلاثة ضمن دائرة سياسة التوريط امام الشعب ، وان الشعوب لا تغفر هكذا اخطاء استراتيجية للحكام .فلو لم يتداركوا الامر وتصحيح المسار فما زال هناك من الوقت بقية للتوافق والتوائم مع حكومة الاقليم لانقاذ الامن الغذائي والبيئي والاقتصادي والاجتماعي والحضاري ، فلم يبق للعراق الا رحمة رب العالمين وسد بخمة ، بعد ان تنصلت دول التشارك المائي المجاورة عن المواثيق والقوانين والانظمة المائية وحجب حصة العراق المائية المقررة دوليا او المتوافق عليها ضمن اتفاقات جانبيه مع تلك الاطراف وصلت الى قطع التواصل حتى مع اللجان الفنية التاريخية المتواصلة منذ عقود بهذا الشأن ، وحتى الان لم يكن هناك اي اتفاق يربو على تامين اي مقدار محدد لحاجة العراق من المياه، ويمكن ان نعقد الامل على بخمة لانقاذ العراق كآخر الاحتمالات بعد ان تجاوزنا موجات السراب والوعود المعطلة من الدول المجاورة المنتجة للمياه، والمتسببة بالتعطش العمدي التي تقف ورائها ارادات دولية وعلى حكومة الاقليم ان لا تجعل من بخمة قرم اخر لا سامح الله.
3