حِسن العاقبة
جمعة الدراجي
شغف القراءة يدعوني لمتابعة معارض الكتاب وزيارتها وقد أُتيحت لي الفرصة لزيارة عدد من المعارض للكتاب في بغداد والقاهرة وتونس واربيل . و في احدى دورات معارض الكتاب في بغداد عام ٢٠١٢ دعيت من قبل عضوة الجمعية الوطنية العراقية سابقا سامية عزيز محمد خسرو الى زيارة معرض خاص بالوثائق الصادرة من النظام السابق بترحيل ومصادرة اموال ودور ومقتنيات الكرد الفيلين واعدام اولادهم المقام على هامش معرض الكتاب في ذلك الحين ، لتزويد الباحثين المهتمين بهذه القضايا والوثائق التي تدين النظام السابق وعرضها على الرأي العام .ان معرض بغداد للكتاب يتميز بعرض مثل هذه الوثائق المهمة دون سائر المعارض الدولية الاخرى على حد مشاهداتي ، وعرض هذه المعلومات وسريانها للمطلعين تستحق الذكر ، ولا اعرف هل هي المصادفة؟ ام غيرها ؟ ان يطلع دولة رئيس الوزراء على وثيقة اعدام والده في معرض الكتاب المقام في بغداد هذه الايام ، فالوثيقة هي اجابة لسؤال دائما نتعرض اليه خاصة من اصدقئنا من المحافظات الاخرى : هل صحيح ان نظام صدام اعدم والد رئيس الوزراء ؟ نقول نعم على ما هو متعارف عليه في المنطقة ، ومعلوم كان الحديث في هذه المواضيع بمطلق السرية ،وان قضية اعدام والده غير خفية كون تلك العائلة لهم رئاسة على عشيرتهم وتمتعهم بصِلاة المصاهرة مع بقية عشائر المنطقة ،وغائبهم يُفتقد ، امام تشكيك بعض الاطراف التي تحركها دوافع واضحة للمتلقي .وما يعزز نبل اولاد الشهداء تلك المقولة التي ترددها المنظومة القيمية للشعوب الحية ( حِسن العاقبة) ومن ذلك النبل هو التسامح فذات مرة كنت حاضرا ، يوم كان السيد محمد شياع يعمل في مجلس محافظة ميسان انبرى بجدية للقيام الى جانب زميله السيد محمد جاسب النوري الذي اعدم والده هو الاخر ايضا على ايدي النظام السابق وقيامهم بالنخوة لمساعدة عدد من الاشخاص المعروفين من ازلام النظام السابق اذ كان لديهم عدد من الاولاد محتجزين لدى قيادة الشرطة، اقول هذا ليس لتبجيل الرؤساء ولست بحاجة لهم، بل انتقدت اداء الحكومة خاصة في ملف المياه وتعرض العراق للتعطيش واخطاء ستراتيجية اخرى لا مجال لذكرها .
لكن الذي استوقفني فلسفة التأريخ ومجرياته وهدوء عقارب الزمن التي تتكتك بهدوء مجنون لا يمكن تصور مخرجاته يوما ما. استشهاد دولة رئيس الوزراء بهذه الآية الكريمة التي كتبها بخط يده على كتاب اعدام والده الشهيد شياع صبار السوداني لدى افتتاح معرض الكتاب في بغداد تمثل عبرة ودورة الزمان ، يعتبر بها الحكام قبل غيرهم .
ان ما يهمني اكثر مما ذكر هو ان نقول سبحان الله ، فالاحداث التي تدور باستمرارية لا يمكن ان يستقرئها البشر لو سألنا السادة القضاة الذين وقعوا هذه الوثيقة في ذلك التاريخ بان عقب المجني عليه سيكون بموقع الوريث الذي يتمكن بالإمضاء لتزييف تواقيعكم ، هل يصدقوا ؟. الصدق ما احكم من كتاب الله جلا وعلا .
(وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)
صدق الله العلي العظيم .
هذا ما كتبه
دولة رئيس الوزراء
المهندس محمد شياع السوداني
على وثيقة إعدام والده اثناء زيارته لمعرض الكتاب في بغداد.