تشرين واليوم الوطني

بقلم بيار الظاهر

العيد الوطني العراقي، هو احتفاء بيوم إعلان استقلال العراق عن الانتداب البريطاني وانضمامه إلى عصبة الأمم المتحدة،  وكان ذلك الاستقلال في 3 تشرين الأول 1932، غيرَ أن ذلك اليوم لم تتخذه الحكومات العراقية عيداً وطنياً بعد انقلاب ثورة 14 تموز سنة 1958 حتى 9 نيسان 2003 حين وقع الاحتلال الأمريكي، فأٌقتُرح أن يكون يوم الاحتلال يوماً وطنياً احتفاءً بتخلّص العراق من حكم حزب البعث ولكن رُفض هذا الاقتراح شعبياً باحتجاجات واسعة، ومالت بعض الآراء إلى إحياء يوم الاستقلال 3 تشرين الأول واتخاذه عيداً وطنياً، فتقرر في شهر شباط من سنة 2008 اتخاذ يوم 3 تشرين الأول عيداً وطنياً، ولم يتفعّل ذلك القرار إلا في شهر أيلول سنة 2020 بعد أن أصدرت الحكومة العراقية قانوناً متعلقاً بالعيد الوطني، رأى بعض المؤرخين العراقيين أن يوم 3 تشرين الأول لا ينبغي أن يكون العيد الوطني إذ لم يكن الاستقلال عن الانتداب البريطاني سنة 1932 كاملاً، ورأى مؤرخون أنه يوم يستحق اتخاذه يوماً وطنياً، إذ إنه يوم ذو حدث تاريخي لا يجوز التغافل عنه.

 هذا ما كُتب للعالم بحق اليوم الوطني العراقي الذي طال انتظاره لدرجة أمسى جزء كبير من الجيل الجديد قبل ثورة تشرين لم يخطر على أذهانهم ما هو اليوم الوطني لأننا ببساطة ليس لدينا يوم! وكشفت جهات ما، إن هذا التأخر بإقرار اليوم الوطني كان يسبب إحراجات للحكومات السابقة لأن العراق كان يتلقى التهنئات الرسمية في اليوم الوطني للنظام السابق! رغم إني لست مقتنعة بذلك، فإن الحكومة التي لا تخجل من قتل وتجويع شعبها أتنحرج من أن ليس لديها  يوماً وطنياً؟! ودائماً  اليوم الوطني يكون عندما تكون هناك أوطان وليس عندما يحكمنا الجيران.

وبالتزامن مع ذكرى ثورة تشرين وذكرى المجرمين الذين ارتكبوا المجازر وتمت مكافئتهم بالحرية المطلقة والمناصب القيادية أصبحت هذه الثورة التي لم يبق منها سوى غصة في قلوب المدافعين عن القضية بصدق وصور الشهداء المعلقة بالشوارع والنصوص التائهة التي كُتِبت بحقها لتبقى للتاريخ بشكل أو بآخر والأغاني الحماسية التي تذكرنا يوماً ما، كُنا متوحدين وكلمتنا واحدة وصوتنا واحد وهتافنا واحد رغم القناص الذي يستهدفنا بعد كل هتاف بـ “أخوان سنة وشيعة هذا الوطن منبيعه” و “بالروح بالدم نفديك يا عراق”

في كل عام بعد ثورة تشرين في  بداية شهر “تشرين الأول” يرتفع هرمون الوطنية لدى الكثير وأكاد أجزم سبب ذلك هو الحنين لأيام الثورة، الحنين لأصلنا لوحدتنا رغم تنوعنا، لرفضنا للتدخل الخارجي والتطرف الديني وهذا ما يدفع الكثير للاحتفال باليوم الوطني وبمعنى آخر وكأنهم يحتفلون بإنجازهم “التشريني” وليس بالمعنى الحرفي “باليوم الوطني”…

 

فإننا كعراقيين سنحتفل بعيدنا وبيومنا حين تكون الدولة عراقية حين نعرف السلام والأمان ونعيشه حين يزدهر الاقتصاد حين تكون النزاهة نزيهة حين يصل الشباب لمناصب قيادية وسياسية مهمة من غير تدخلات حزبية خارجية حين تمنح الحريات والحقوق كواجبات للمواطن لا تَفَضُل حين لا تكون هناك سلطة فوق القانون حين تعود الرصانة العلمية والصحية والثقافية، حين تؤخذ صدمات التظاهرات بعين الاعتبار و حين يعود العراق هو العراق…

 

 

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى