التلوث المناخي في البصرة: موتٌ بطيء وسَرطانٌ سريع

بقلم :- بيار الظاهر

تعتبر البصرة عاصمة العراق الاقتصادية، ووفقاً لمصادرٍ عديدة فهي تمتلك احتياطي نفطي يصل 70% من قدرة البلاد الإنتاجية، وتعتبر البصرة أول المُدن التي شُيّدت بها مصافي النفط العراقية، حيث تمتلك البصرة أهم المصافي النفطية من شمالها إلى جنوبها، حتى باتت هذه المصافي تكون سبباً أساسياً للتلوث البيئي والمناخي الذي شهدته البصرة في السنوات الأخيرة. وإن أبرز أنواع التلوث الذي تشهده المحافظة اليوم هو تلوث الهواء نتيجة عمليات إنتاج وحرق الغاز المصاحب في عملية الاستخراج النفطي الذي ينتج عنه انبعاث الغازات السامة التي تسبب في إصابة المواطنين بالعديد من الأمراض الخطيرة. ونُشر تقرير عن صحيفة “الإندبندت البريطانية” حيث صرّح خبراء أن حرق الغاز المصاحب لاستخراج النفط يعد العامل الرئيسي لتلوث المناخ، ويشكل خطراً كبيراً على صحة الذين يعيشون في الجوار، مسبباً الإصابة بالربو وأمراض الرئة والجلد والسرطان.

كما ونشرت  منصة “العربي الجديد” في يونيو 2023 تصريحاً لمسؤولين بصريين بأن احصائي الاصابة بالسرطان سنوياً وصل الى 9آلاف اصابة نتيجة هذا التلوث والإهمال الحكومي.

فضلاً عن تحذير مركز الأورام السرطانية في نهاية العام الماضي من تصاعد حالات تسجيل السرطان بين المواطنين في البصرة، مشيراً أن إلى تسجيل إصابات تصاعدية بنسبة تصل إلى 10% سنوياً. رغم إني لست مقتنعة بهذه النسبة تماماً فالسرطان يكاد أن يكون أشبه بالإنفلونزا في هذه المدينة التي باتت تتحمل أكثر من طاقتها.

فضلاً عما ذُكر أعلاه وعما نُشر قبل سنوات حول هذه الكارثة ما يزيد “الطين بلل” أن مدينة البصرة غير مهيئة لاستقبال هكذا أعداد من الإصابات وأن أفضل مستشفياتها هي أكثرها سوء في توفير العلاج الكيميائي بل وحتى المكان الذي يليق بالمرضى نظافة وعناية واهتمام.

وإن الغريب في الأمر التكتم المستمر وعدم السماع لحل هذه المشكلة، فما الذي يدفع الحكومات الى التسويف والتهاون بالأرواح إلى هذا الحد؟ إن قضية التلوث التي تشهدها البصرة منذ أعوام دائماً يتم وضعها على رف النسيان أو في الحقيقة رف التناسي والتجاهل. وما يحدث اليوم هو كارثة بيئية إنسانية حقيقية، هو موت بطيء وسرطان سريع يفجع بالأهالي من دون سابق إنذار. وإن قضية كهذه تحتاج الى منطق ووعي وانسانية تفوق حملة تشجير تنطلق لتُزرع شجرة بحديقة عامة وتُنشر الصور ثم ينتهي الأمر بموت الشجر ونقول نحن نسعى لحل أزمة المناخ في البصرة!!

نحن بحاجة إلى عمل واقعي وضغط على الجهات المعنية للتدخل بالحل، أو بناء مستشفيات للأورام السرطانية في الأقضية، فليس من المعقول أن يستمر السكوت على هذا التهديد الفتاك. ربما قد يكون التهاون بهذه القضية فكرة تقبُل الإصابة ولكن ليس من المنطق تقبُل واقع أن لا تمتلك دواء ولا حتى سلة قمامة في أحدى أهم مستشفيات البصرة وتحديداً في قسم الأورام السرطانية.

في الخاتم، في حال لم يؤخذ الأمر بشكل جدي  ويستمر  التهاون بقضية التلوث الناتج من الانبعاثات السامة سوف يكون مقابل كل دولار ناتج من النفط روح تتألم وتصل الموت…

زر الذهاب إلى الأعلى