المسيحيون ضرورة وطنية في البلد
بقلم :- افنان مدحت
يمتلك المسيحيون جذوراً تأريخية عميقة في بلاد ما بين النهرين، جذوراً تمتد لآلاف السنين، وتعود إلى القرن الاول ميلادي، وهم جزء لا يتجزأ من حضارة وتاريخ وتراث هذه الأرض، كما ويعتبرهم البعض السكان الأصليين للمنطقة.
عاشوا بين نهري دجلة والفرات بطوائفهم المختلفة؛ كلدان، اشور، سريان، اراميين، وبثقافتهم ولهجاتهم وطقوسهم المتنوعة، إلا أنهم تعرضوا للعدد من الانتكاسات والتحديات التي كانت لها تأثيرا ملموساً لواقهم، وتعزا تلك التحديات بالسياسات الخاطئة التي مارست اتجاههم.
إحدى أبرز المعوقات التي تواجه الاقلية المسيحية هي التهجير وفقدان الهوية الثقافية جراء الصراعات والاضطرابات السياسية والدينية.
نزح العديد من أفراد هذه الاقلية إلى مناطق آمنة داخل العراق وبعضهم الاخر أُجبر على ترك أرض وطنه بحسره تملئه ، مما أدى إلى نقص حاد في أعدادهم، و تغيّب الإحصاءات الدقيقة حول العدد الفعلي للمسيحيين في العراق و الذي لا يتجاوز ٤٠٠ الف فرد، الا ان تناقصهم يبرز بمجرد متابعة عدد المصلين في الكنائس التي هي ايضا اغلق بعضها ودمر الاخر.
هذا التهجير أثّر بشكل كبير على الحياة اليومية والهوية الثقافية لهؤلاء الأفراد.
بجانب التهجير، تواجه الأقليات المسيحية في العراق صعوبات في ممارسة الشعائر الدينية بحرية، و يتعرض العديد منهم لبعض الاضطهادات والتهديدات من قبل بعض الجماعات المتطرفة، مما يجعلهم عرضة لخطر الذوبان الثقافي والديني،
إضافة إلى ذلك، يواجه أفراد الأقليات المسيحية صعوبات في المشاركة الكاملة في الحياة الاقتصادية والسياسية. لاسيما مما يعانوه من تمييز وتهميش أدى الى تعذرهم في كثير من الحالات الوصول إلى التعليم او إيجاد فرص عمل بسهولة، مما يحد من إمكانياتهم في بناء مستقبل مستدام داخل العراق
وعلى الرغم من تضمين حقوقهم، لكن إلى الآن لا تزال أملاك الأقليات في العراق وخصوصاً المسيح منهم مستباحة ومملوكة من قبل غيرهم، ولا توجد أي إجراءات جدية بشأن استرجاع أملاكهم وحقوقهم، وفقاً للمركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب.
مع هذه التحديات، فإن الحاجة إلى حماية حقوق الأقلية المسيحية في العراق اصبح ضرورة ملحة
خصوصاً و ان تجاهله سيلقي بآثاره السلبية على التركيبة الديمغرافية للعراق في السنوات المقبلة واختفاء ظاهرة التنوع الإثني التي تميز بها العراق منذ أقدم العصور.