المرأة، في حوارِ الأديان، مُستَبعَدَة أم مُبتَعِدَة؟
بقلم :- بيار الظاهر
يقول اللاهوتي الألماني هانز كونغ (لا سَلام في العالم دون سلام بين الأديان) ومما لا شك فيه أن حوار الأديان أصبح أحد العناوين أو الموضوعات الرئيسية التي يتم طرحها بكثرة وكثافة وبمختلف المجالات ولاسيما من قبل المنظمات المعنية بحقوق الإنسان والتنوع الديني، لكن من بين هذه الكثافة نرى قلة من الأفراد المهتمين حقاً بحوار الأديان والساعين للحد من خطابات الكراهية وبغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو خلفياتهم الثقافية والمجتمعية. وما يلفتني أكثر، ندرة وجود المرأة بهذا المجال ، فأتساءل تُرى هل المرأة مُستَبعَدة أم مُبتَعِدة؟
وإن كانت مُستَبعَدة وكُسر قلمها قسراً ما الذي يدفع المرأة العربية وأخصص “العراقية” من أن لا تكتب عن التنوع الديني وسَلام الأديان الذي يخص العالم أجمع وهي جزء لا يتجرأ من هذا العالم ولو بقلم أحمر شفاه حتى !
وما أعنيه بهذا هو بيان أهمية التنوع الديني والسلام وحوار الأديان الذي يجب علينا أن نشترك به جميعاً،
لما له من دور عظيم في نبذ التطرف و بناء السلام والوئام والعيش المشترك داخل المجتمع العراقي وخارجه، فيعتبر التنوع الديني اليوم هو من أسمى وأهم مجالات الحوار الفكري والثقافي التي تمهد الطريق نحو حل الأزمات وتقبُل الآخرين والتعايش السلمي ، فضلاً عما يحدثه ذلك من بناء هوية سلمية تعكس الصورة الحضارية لكل دولة.
وإن من أبهى صور الدين هي التي تتجلى حباً وعشقا لله الواحد الأحد وهذا ما جاء في المنهج الصوفي.
اليوم، قد لا يعتبر التصوف دين لكي يندرج ضمن الأقليات والمهمشين، لكن في حقيقة الأمر الصوفيين على الهامش رغم أهمية مضمون هذا الطريق في حوار الأديان فمن خلاله يمكن أن تتوحد الأديان حُباً وانسانيةً وتذوب المذاهب كلها بالذات الإلهية الواحدة وفي أبيات تبين هذا الحب المتناغم بين الأديان للمتصوف الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي قائلاً:
“لقد صارَ قلبي قابِلا كُلَّ صورةٍ
فمرعًى لغزلانٍ وَديْرٌ لرُهبانِ
وبيتٌ لِأَوثانٍ وكعبةُ طائٍف
وألواحُ توراةٍ ومصحفُ قُرآنِ”
ولقد تم ذكر وتفصيل أهمية التصوف في حوار الأديان بما نُشر في (مجلة المواقف للبحوث والدراسات في المجتمع والتاريخ) بعنوان “المنهج الصوفي وحوار الأديان”
“ان العقيدة الصوفية مبنية في الأساس على معرفة الحق للحق بالحق عن طريق الكشف والذوق والالهام كما بينا سابقا في هذا البحث والحق في صفاته المطلقة غير مقيد في صورة محددة أو في تصور معين و لهذا هم يشاهدون الحق في كل شيء وعلى أي شيء بمعنى اخر هم يشاهدون الحق في الدين والطائفة و الملة وان كانت مخالفة لدين الإسلام على الظاهر ولهذا هم ينفتحون على الطوائف الأخرى.”
ربما قد يلاحظ القارئ عدم الترابط بين ما طرحته في المقدمة عن أهمية المرأة ودورها المهم في حوار الأديان ثم ما تناولته من موضوع أقليات وما يخص التصوف، لكن في حقيقة الأمر للمرأة أهمية وقدسية خاصة عند المتصوفين فضلاً عن إشارة المرأة للحب الإلهي والغزل عندهم فانتهزت فرصة الدمج هذه للتنوير على أهمية أشراك المرأة في مجال التنوع الديني والثقافي والبحث بمنهاج التصوف الذي سيوحد الخطابات بخطاب واحد عنوانه الحب.