العلاقات الشخصية وتأثيرها على سير العمل
عزيز البزوني
لم آتِ إلى هنا من أجل تكوين (صداقات»، «أتيتُ إلى العمل وحسب» أليست هذه بعض الجمل الكثيرة التي تتواتر على مسامعنا، وكأن قائليها يدفعون عن أنفسهم تهمة تكوين العلاقات الشخصية في العمل؟ لكن هل الأمر خطير إلى هذه الدرجة؟
وهل تؤثر الصداقات أو العلاقات الشخصية بشكل عام في أدائنا ودرجة مهنيتنا؟
ليس من الصواب تقديم إجابة قاطعة عن هكذا تساؤلات؛ إذ إن موضوع العلاقات الشخصية في العمل من الموضوعات الشائكة، والتي تنطوي على جدل كبير، وثمة طرفان في المسألة ما بين مؤيد لتكوين صداقات في العمل أو رافض لها، ولدى كل طرف منهما أسباب ودوافع تبرر وجهة نظره. ليس بإمكاننا، على المستوى الأول من التحليل، إلا أن نقدم جردًا لوجهتي النظر هاتين، عامدين إلى الإشارة لسلبيات وإيجابيات تكوين العلاقات الشخصية في العمل
قبل ذلك لنتطرق لعدة عوامل ساعدت في انشاء العلاقات الشخصية منها:
١_ أثناء التعيين حيث تخرجا معاً وتعيناً سوياً وخلال فترة تواجدهم في الشركة او المصنع وفي نفس المكان حصل أحدهما على منصب معين بالتالي انعكس ايجابيا على الآخر من جميع النواحي .
٢_ تنشأ العلاقات الشخصية على مستوى الخارج أثناء الجلسات الليلية في المقاهي والكافتريات والبيوت والقاعات الرياضية او خلال اشتراكه في دورة او إيفاد معا.
٣_ تنشأ العلاقات الشخصية أثناء تقديم الموظف الذي يمتلك مهنة أخرى بعد الدوام إلى مسؤوله المباشر خدمات مدنية مثل البناء او الترميم او السيراميك او السقوف الثانوية وغيرها.
٤ _تنشأ العلاقات الشخصية الخارجية عندما يقوم موظف صاحب علاقات واسعة ولديه معارف لمختلف الأسباب بتسهيل بعض الإجراءات للمسؤول منها نقل او تعيين او إنجاز معاملة وغيرها.
٥_ العلاقات الاخرى التي لا تقل شان عن سابقتها وتؤثر على سير العمل وهي العلاقات مع الشركات العاملة والمقاولين فضلا عن العلاقات مع مدراء الهيئات والأقسام والشعب على حساب العمل .
اولاً: ايجابيات العلاقات الشخصية في العمل لكن ما مدى فائدة وضرر العلاقات الشخصية في العمل؟ إليك الجواب وذلك على النحو التالي:
1- توفير بيئة عمل صحية من شأن تكوين العلاقات الشخصية في العمل إذ ستنتفي هنا العداوات والمشاحنات التي قد توجد في بيئات العمل الأخرى، التي يغيب عنها الطابع الشخصي، فضلًا عن أن مثل هذه البيئة التي تحول الزملاء إلى أصدقاء ستكون أكثر دفئًا ومرحًا.
2- الدعم النفسي تساعد العلاقات الشخصية الزملاء في تخطي ازمتهم النفسية وتقلباتهم المزاجية المختلفة وبالتالي سوف ترفع معدل الإنتاجية لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل اتينا الى العمل من اجل الدعم النفسي او من اجل الحصول على بعض المرح اننا لا ننكر ان هذه المطالب مشروعة لكن ليس العمل مكانها الصحيح فلكل مقام مقال .
من أبرز المكاسب التي تحصل بسبب العلاقات الشخصية على حساب الكفاءة والمثابرة في العمل والالتزام بالدوام هي:
1-المكافآت الشهرية والمكافئات الاستثنائية.
2-كتب الشكر والتقدير وتثمين الجهود .
3-التقييم الممتاز في الحوافز والأرباح.
4-الدورات الايفادات خارج وداخل القطر
5-المساعدات تكون مفتوحة في السفر لأغراض العلاج او التنزه
6-عدم تكليفه بأعمال شاقة ومتعبة او ادخاله في لجان صعبة وغير مجدية نفعاً.
اما سلبيات تكوين العلاقات الشخصية في العمل فهي على النحو التالي:
1- قد تؤدي تكوين العلاقات الشخصية الى الالهاء وضعف الإنتاجية
2-المحاباة وفقدان الشفافية: إذا ارتبط المدير بعلاقة شخصية مع أحد موظفيه فهذا معناه أنه يدق بنفسه المسامير في نعش الثقة والنزاهة والشفافية، إن أحدًا لن يكون مطمئنًا أنه لن يطاله ظلم ما، طالما أن المدير تورط في علاقة شخصية مع أحد موظفيه أو بعضهم. ومن ثم وكنتيجة لهذه العلاقات الشخصية في العمل، فلن يكون بوسع هذا المدير أو ذاك إمضاء قراراته، علاوة على أن الموظفين لن يأخذونها على محمل الجد؛ إنهم يشكون في الدوافع الكامنة وراءها.
3- إطالة وقت الراحة: طالما أن زملاء العمل أمسوا أصدقاءً، وصارت لهم اهتمامات مشتركة، فالمؤكد جزمًا أن دقائق الاستراحات ستتحول إلى ساعات، وكل ذلك هدر للطاقة وإضاعة لوقت العمل.
4-الإحباط لمغادرة صديق العمل : ونقصد بها ان المؤسسات التي تتوفر على الكثير من العلاقات الشخصية في العمل تغيب عنها المهنية، حسب وجهة نظر المعادين لهذا النوع من العلاقات، فمثلًا إذا تم طرد أحد الأصدقاء لأي سبب كان فسترى أن بقية أصدقائه في حالة من الإحباط والغضب وقد يلجأوون إلى التمرد.
أشرنا لتونا سلبيات العلاقات الشخصية في العمل وهو الأمر الذي قد يخلّف نوعًا من الإرباك، فهل نلجأ إلى تكوين صداقات في العمل أم نكف عن ذلك؟ في الواقع، الأمر متروك لك، لكن حقيق بنا أن نقول إن تكون العلاقات الشخصية في العمل أمر لا يجرّمه القانون ولا تمنعه مدونة السلوكيات المهنية، ما لم تكن لبعض الشركات اعتبارات فردية تخصها. إننا في عالم العمل اليوم نقضي وقتًا في العمل أكثر من الوقت الذي نقضيه في المنزل، وكنتيجة حتمية لذلك ستتشكل العلاقات، ولا يوجد في القانون ما يمنع زملاء العمل من الدخول في علاقات. ولكن الحل الوسط الذي نقترحه عليك أن تكون وسطيًا، فلا مانع من تكوين العلاقات الشخصية في العمل لكن بشرط أن تضع الحدود الكافية التي تضمن لك عدم تأثير هذه العلاقات في عملك وأدائك الوظيفي، فقد أتيت لتعمل في المقام الأول.