انتحار
بقلم الكاتبة : – هاجَر قاسِم مُحمّد.
عُينَ ( زياد بن أبيهِ) واليًا على البصرة، ثّمً الكوفة ، أبان حكم الأمويين بأمرٍ من( معاويةبن أبي سُفيان )
جلس (زياد بن أبيه ) على المنبر ،وأطال الصمت حتى علت الهمهمة ، وظلَّ زياد صامتًا ،مع مرور الوقت تصايح البعض طالبين منه أن يتحدث ، فإذا به يستمر صامتًا ، فتطوع بعض الجالسين ممن أغضبهم هذا التصرف فقال لمن يجاوره ، إلا قبح اللُّٰه بني أميّة ، ألم يجدوا غير هذا العيّ يرسلونه واليًا على الكوفة ، واللّٰه لأحصينه لكم أيّ: (سوف أرميه بالحصى)، فوقف زياد ، وغادر المنبر ، وطلب من شرطته أن تغلق أبواب المسجد إلا بابًا واحدًا جلس أمامه ، وأمر بأن يخرج الناس له أربعًا أربعا ،وطلب من كُلّ أربعةمن الخارجين أن يحصبوا واحدًا واحدًا ،فإن أقسموا جميعًا نجوا جميعا ، فلم يقسم أيّ واحد ،فأمر بالأربعة فقطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف هذا حادث من حوادث ممارسة الحكم السياسي في المسجد بحجّة تطبيق قواعد الإسلام الشرعية.
بسبب هذه الحادثة شدّني جواب المُفكّر المصريّ ( فرج فودة ) عن سؤال طرحه أحد مراسلي الصُحف العربيّة بأنه: ( يُهاجم الدين الإسلامي ويرسخ الغربية في كثير من مؤلفاته واقتصار وظيفة الأمام في المسجد على العبادات فقط ذاكرًا أن المُسلمين في عهد النبيّ ( صلّ اللّٰه عليه وسلّم) والخلفاء الراشدين يتحاكمون أليهم في جميع القضايا السياسية بأختلافها في بيت اللّٰه ) .
ردّ عليه : ما تم تطبيقهُ في زمن الرسول وخلفاؤه حتّى التابعين والولاة لا يصحّ تنفيذه في الوقت الحالي ، تعصبك اتجاه مفهوم ( العلمانية) كونه عزل أئمة المساجد عن المنابر وحصر مدار خطبهم في مجال دينيّ وتعاليم إسلامية بحت ، ناهيك أن الأمام إذا اعتلى منبره راح يؤيد جماعات إرهابية تخالها أنت جهادية من وجهة نظره فقط بل ستكون مُجبرًا سماع رأيهُ الخاص تقديرًا لقدسية المكان واحترامًا لمكانة الأمام.
لذلك يا صديقي القارئ من الحُمق أن يكون ذهنك محصنًا بطلاسم سحرِ الولاة وتلهيه عن الدراية الإنسانية بتعظيم شؤون الآخرين وتقديسها .
الصراع الدينيّ الممزوج بخليط سياسي كان أحد أسباب ظهور ( العلمانية) كمبدأ قائم لفصل التوأمين الغير متطابقين عن بعضهما في إدارة شؤون الدولة.
أعرف فئة ما إذا مرّ على مسمعهم مفردة( علمانية) أو علموا أن هناك جماعة تؤيدها اعتبروهم كفّرة ، يساوونهم مع المُلحد بل يجعلونها مقاربة بالمعنى مع نظام ( الليبرالية) الّذي ينصّ بصريح العبارة :
الإنسان حُرّ يفعل ما يشاء دون تدخل أيّ جهةٍ في تصرفه دامهُ لا يؤذي أحد.
وبعد هذا كُلّه يهرول هنا وهناك شاهرًا سيفهُ مهددًا بمنطق لا يعقلهُ غيره ( العلمانية تُعارض ما تربيتُ عليّهِ كمُسلم، على سبيل المثال : كيف يجب أن أتقبل ( الاعتراف بالمثليين) دون رادع لهم على اعتبار أن ديني الإسلام توعدهم بالعذاب الشديد ونالوا منه ما نالوا كما في قصّة النبيّ لوط ( عليه السلام ) ، إلخ من حكايا ، بل أنه يحاصر نفسه بعلمانية أتاتورك الشاذة .
إنكارُ العلمانيّة جهلٌ بالحضارة الحديثة،وإطلاق صفة الكفر على العلمانيّة جهلٌ بالعلمانيّة،والدعوة بدولة دينيّةٍ جهلٌ بحقوق الإنسان، والمناداة بالخلافة الإسلاميّة جهلٌ بالتاريخ .