عندما يصبح … الشريف … شاذ … ؟؟
بقلم المهندس :- حيدر عبدالجبار البطاط
في كل زاوية من الوطن الحزين، تصدح صرخات الألم والحرمان.
أرض الحضارات العريقة، بات اليوم مسرحًا لصراعات لا تنتهي، تتقاذفه الرياح العاتية بين الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية.
في الشوارع يكمن الغضب في عيون الأطفال الذين يلهون وسط الأنقاض، بينما تشكو الأمهات من فقدان الأمن وفقدان الأمل.
تحت سماء مكفهرة، تجتمع الأرواح المثقلة بالتعب والخيبة، تبحث عن بصيص من نور يعيد لها الحياة.
فالحياة في العراق لم تعد كما كانت؛ الأمن والاستقرار أصبحا أحلامًا بعيدة المنال.
بين طيات الوطن، تتجسد مأساة إنسانية تعكس واقعًا مؤلمًا لأمة تبحث عن السلام والكرامة.
في وسط الظلام الدامس، يظل الأمل هو الشعاع الذي يتمسك به رغم كل ما مررنا به من معاناة.
يأملون في غد أفضل، يوم يكون فيه الوطن مجددًا أرض الخيرات والسلام، يوم تعود فيه الابتسامات إلى الوجوه التي طالما ذبلت من الحزن.
في الوطن اليوم، تتشابك خيوط الفساد بشكل يُعقد الوضع الاقتصادي، حيث يتربع سراق المال العام على كل مفاصل الاقتصاد، مثل وحش ينهش في جسد البلاد.
هؤلاء السراق، بوجوههم المتعددة، يُحكمون قبضتهم على الثروات، ينهبون الموارد، ويبددون الأحلام بوقاحة لا تعرف الخجل.
المشاريع التنموية تتعثر، والبنى التحتية تنهار، بينما الأموال تتسرب إلى جيوب الفاسدين.
المواطن البسيط يدفع الثمن غاليًا، يقف في طوابير طويلة للحصول على خدمات أساسية مفقودة، ويواجه يوميًا تحديات العيش بكرامة في ظل اقتصاد منهك.
تحت ستار السلطة والنفوذ، تُبرم الصفقات المشبوهة، وتُضخم الفواتير، وتُنفذ المشاريع الوهمية.
لا صوت يعلو على صوت الفساد، ولا يد تمتد لوقف هذا النزيف المستمر.
الأمل في إصلاح هذا الواقع يصبح شبه مستحيل، طالما أن السراق يتمتعون بحصانة من المحاسبة والمساءلة.
ومع ذلك، الكل صامدين، يحلمون بيوم تتحرر فيه بلادهم من قبضة الفاسدين، يوم تُستعاد فيه الثروات لخدمة الشعب لا لخدمة حفنة من المستغلين.
يوم يصبح فيه الوطن منارة للإصلاح والشفافية، وتعود الابتسامة لوجوه أبنائه المكلومين.
اليوم الشريف الذي يحارب الفساد يُنظر إليه كشخص غريب الأطوار، شاذ عن القاعدة السائدة ؟؟؟
الأيدي النظيفة التي تجرؤ على مواجهة سراق المال العام تجد نفسها في مواجهة أمواج عاتية من التحديات والتهديدات.
يتعرض هؤلاء الشرفاء للتشويه، والترهيب، والإقصاء، فقط لأنهم قرروا أن يقولوا “لا” لثقافة الفساد التي تجذرت في كل زاوية من زوايا البلاد.
تستحضر هذه المعركة الشرسة ضد الفساد تجربة المصلح الإمام الحسين بن علي (عليه السلام)، الذي وقف بشجاعة أمام الظلم والطغيان في معركة كربلاء.
الحسين، ثار ضد الفساد والجور في زمانه، قدم للعالم نموذجًا للثبات على المبادئ والشجاعة في وجه الظلم. تلك القيم التي دافع عنها الحسين، من النزاهة والعدالة، تلهم اليوم كل من يقف في مواجهة الفساد متحملين المخاطر من أجل مستقبل أفضل.
الأصوات التي تنادي بالإصلاح تواجه صمتًا من المؤسسات الرسمية، وكأنما تهمس في وادٍ سحيق.
يسعى الفاسدون بكل قوتهم لإسكات كل من يحاول كسر دوائر الفساد المستحكمة ، بين أروقة المكاتب الحكومية، وفي أزقة الشركات، يُنظر إلى النزيه بعين الريبة والعداء، وكأنه دخيل لا ينتمي لهذا النظام العجيب.
ورغم كل هذه الصعوبات، يبقى هؤلاء المحاربون شعلة الأمل في بلد يتوق للحرية والنزاهة.
فهم يواجهون الخطر بشجاعة، ويستمرون في معركتهم من أجل مستقبل أفضل.
هم القناديل المضيئة في ليل الفساد الدامس، يذكرون الجميع أن النقاء والإخلاص ليسا مستحيلين، وأنه مهما طال الظلام، فلا بد للصبح أن ينبلج.