الحفاظ على البيئة البحرية العراقية
بقلم :- رياض العيداني
مقدمة ..
تغطي المياه عالمنا بما يقارب الـ( 70% ) من سطح الكرة الأرضية ، وهذه المياه تعد ضرورة من ضرورات الحياة لجميع الكائنات الحية والحفاظ عليها يعد واجباً انسانياً ووطنياً .
فمنذ القدم كانت المحيطات والبحار والأنهار مصدراً للحصول على الغذاء وكذلك للتنقل وللترفيه معاً ، لكن ما يحدث اليوم من الصيد الجائر والتلوث البيئي وتغير المناخ وتدمير الموائل (والموائل هي الكائنات البحرية أو منطقة بيئة طبيعية مأهولة من نوع واحد أو أكثر). هي جريمة يجب الوقوف عندها و الحد منها .
فالحفاظ على البيئة البحرية يوفر العديد من الفوائد البيئية والاقتصادية والثقافية للفرد العراقي ، وهنالك العديد من الفوائد البحرية التي يمكن تلخيصها بما يلي :
أولاً : التنوع البيولوجي:
تستضيف النظم البيئية البحرية أشكالًا مختلفة من الحياة ، بدءاً من العوالق المجهرية وحتى الحيتان الضخمة ، هذا التنوع البيولوجي رائع وحيوي للحفاظ على توازن الحياة على الأرض ، تعتمد العديد من الأنواع على النظم البيئية البحرية للحصول على الغذاء والمأوى ومناطق التكاثر.
ثانياً : عزل الكربون :
تعمل محيطات والبحار مخزناً مهماً للكربون ، إذ تمتص وتخزن كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي ، وتساعد بذلك هذه العملية على تنظيم أنماط المناخ في العالم وتعمل على تخفيف آثار تغير المناخ .
ثالثاً :القيمة الاقتصادية :
إن المحيطات والبحار توفر قيمةً اقتصاديةً كبيرةً للإنسان وكما هو موضح فيما يلي :
1-. مصائد الأسماك: تعد مصائد الأسماك مصدراً رئيسياً للغذاء وسبل العيش للملايين في جميع أنحاء العالم وتدعم النظم البيئية البحرية أنواعاً متنوعةً من الأسماك ، مما يجعلها بالغة الأهمية لصناعة صيد الأسماك.
2- السياحة : تعد السياحة البحرية بما في ذلك الغطس والغوص والإجازات الشاطئية ، إيرادات بملايين الدولارات سنوياً إن تم استغلالها بشكل يتناسب مع قيمتها الحقيقية .
ففي العراق لدينا ساحلاً بحرياً كبيراً نسبياً يمتد من (ميناء الفاو) الى جزيرة (حجام) والتي تقع مقابل ميناء (أم قصر) المطلّة على خور عبد الله والتي تقابل الكويت وتقدر بما يقارب (65 كم طولاً) فضلاً عن المنطقة المحصورة ما بين (ميناء الفاو) ومنطقة (رأس البيشة Check point ) والتي تقابل السواحل الايرانية وفي حال استغلاله استغلالاً أمثل سيحقق للعراق ايرادات جديدة من الممكن لها أن ترفد موازنة الدولة .
3- الصيدلة: تنتج الكائنات البحرية مركبات طبية قيمة تستخدم في المستحضرات الصيدلانية والتكنولوجيا الحيوية ، وتشمل الأمثلة الأدوية المشتقة من الإسفنج والطحالب البحرية وهنالك أنواعاً عديدة من نظم البيئة البحرية يمكن تلخيصها بالآتي :
أ-. الشعاب المرجانية .
الشعاب المرجانية عبارة هي عن أنظمة بيئية نابضة بالحياة تحت الماء تتشكل من تراكم الهياكل العظمية المرجانية ، وتُعد هذه الشعاب المرجانية نقاطاً ساخنةً للتنوع البيولوجي ، حيث تعج بالأسماك الملونة والرخويات والحياة البحرية الأخرى.
ب- مروج الأعشاب البحرية.
مروج الأعشاب البحرية هي مراعي تحت الماء توفر مناطق تغذية وتكاثر مهمة للعديد من الأنواع البحرية، بما في ذلك السلاحف وأبقار البحر.
ج- غابات عشب البحر.
توجد غابات عشب البحر في المياه الباردة الغنية بالمغذيات وتتميز بنباتات عشب البحر الشاهقة.
كيف يمكننا حماية النظام البيئي البحري؟
يعد الحفاظ على النظم البيئية البحرية أمرًا بالغ الأهمية لضمان استمرار فوائدها البيئية والاقتصادية. فيما يلي بعض جهود واستراتيجيات الحفظ الرئيسية:
1-.المحميات البحرية : (MPAs)
يساعد إنشاء المناطق البحرية المحمية على حماية الموائل والأنواع البحرية المهمة تقيد هذه المناطق المحمية أنشطة مثل صيد الأسماك والسياحة لتقليل التأثير البشري.
2- ممارسات الصيد المستدامة:
ويساعد تنفيذ ممارسات الصيد المستدامة ، مثل الحصص والإغلاق الموسمي ، في الحفاظ على أعداد الأسماك ومنع الصيد الجائر.
ففي العراق يتم استخدام الشباك ذات الفتحات الضيقة التي لا تسمح للسمك الصغير من العبور والتي تسمى بـ(الكوفه أو الجوفه) وهذا النوع من الشباك يدمر البيئة البحرية ليس لعدم سماحها للسمك الصغير من العبور فحسب، بل من خلال السلاسل التي تربط أسفل الشبكة التي يتم سحبها بشدة وبدرها تدمر البيئة البحرية بالكامل، وبذلك ستضطر الأسماك للمغادرة من المياه البحرية العراقية باحثتناً عن بيئةً أكثر أماناً وأوفر غذائاً.
3- مكافحة التلوث:
إن الحد من التلوث الناجم عن المصادر البرية، بما في ذلك النفايات البلاستيكية والجريان السطحي الذي يحتوي على مواد كيميائية ومغذيات ، أمر بالغ الأهمية للحفاظ على جودة المياه وصحة النظم البيئية البحرية ، فضلاً عن تقليل التلوث من المصادر البرية مثل التصريف الصناعي والزراعي ، وكذلك تحسين إدارة النفايات الصلبة والسائلة لمنع وصولها إلى البحر والأهم من ذلك كله هو منع تسرب النفط والمواد الكيميائية من السفن والمنشآت الساحلية ، فأغلب تصدير النفط العراقية يكون من خلال البحر .
4- التشريعات والقوانين :
تعزيز وتطبيق القوانين البيئية الموجودة وإنشاء قوانين جديدة لحماية البيئة البحرية من خلال فرض عقوبات صارمة على التلوث والتعديات على البيئة البحرية.
5- التوعية والتعليم :
نشر الوعي بين المواطنين حول أهمية البيئة البحرية وطرق حمايتها والعمل على إدراج موضوعات حماية البيئة البحرية في المناهج التعليمية.
من خلال تنفيذ هذه الإجراءات ، يمكن للعراق أن يحقق حماية فعالة للبيئة البحرية وضمان استدامتها للأجيال القادمة ، فضلاً عن الحفاظ على الثروة السمكية البحرية ، الذي يتطلب اتباع مجموعة من الإجراءات والسياسات التي تساهم في حماية الموارد السمكية وضمان استدامتها، فالنظام البيئي البحري مكوناً معقداً وحيوياً لبيئتنا ، إذ يوفر قيمة بيئية واقتصادية وثقافية.