وسط حضورٍ أمريكي وغيابٍ عربي تُرفع خيام الحزن في لبنان وتُنصب في سوريا

 

أ.م.د. حامد العلي باحث متخصص في الشأن الإسرائيلي

بعد توتر دام لأكثر من عام, وحرب فعلية خلفت أكثر من 20 الف قتيل وجريح في لبنان, تفهمت الإدارة الأمريكية ما تعانيه إسرائيل, ووصل المبعوث الأمريكي آموس هوكستاين ليسدل الستار عن جرائم وحشية تم تصنيف فاعلها كمجرب حرب, والبدء بمرحلة (لبنان ما بعد الهدنة) والتي تثير المخاوف في أمرين, الأول: إن شرط إسرائيل في انسحاب حزب الله الى ما وراء نهر الليطاني مع الاحتفاظ بقوات اممية تعمل مع الجيش اللبناني لضمان ابعاده, يثير المخاوف من امكانية تحويل الصراع الى اقتتال داخلي أشبه بما حصل بعد اتفاق اوسلو 1993م, عندما تفرق الاخوة وتبنت منظمة التحرير الفلسطينية مواجهة حماس وقتالها. والثاني: هو محاولات تشكيل حكومة موالية لإسرائيل, وربما تكون مسيحية. ومن يلاحظ دخول فرنسا كطرف في تلك المفاوضات وما قام به الموفد الفرنسي جان ايف لودريان من لقاءات مع ميقاتي وبري للوصول الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية, يدرك أن التدخل الفرنسي في لبنان سيكون مؤثراً وكبيراً.

توقفت الحرب في لبنان وسرعان ما بدأت شرارتها في سوريا, وبعيداً عن التكهنات, نفتح نافذة من التاريخ والنظر فيما طرحه كيسنجر في نظريته التي عرفت بـ “نظرية المائة عام”, والتي تهدف إلى “إشعال حروب المائة عام في الشرق الأوسط, تبدأ شرارتها في سوريا ثم تنتقل الى باقي اجزاء المنطقة”. من ذلك التصريح ندرك أن الحرب قد تكون قائمة, وربما تلقي بظلالها على العراق, فقد ذكر عوديد اينون (عراب السياسة الإسرائيلية) منذ أربعة عقود حول الهدف الإسرائيلي بعد لبنان بالقول: “ان تفتيت لبنان الى خمس مقاطعات اقليمية هو مقدمة للعالم العربي, وان تفتيت سوريا والعراق الى مناطق ذات خصوصية أثنية ودينية على غرار لبنان هو هدف استراتيجي مهم, وان تفتيت العراق هو أكثر أهمية من تفتيت سوريا, لأن قوته تشكل في المدى القريب خطراً على إسرائيل أكثر من أي خطر آخر”. ولعل مذكرة وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الى مجلس الأمن في 18 تشرين الثاني/نوفمبر من العام الجاري, تكشف الكثير من النوايا السيئة تجاه العراق وشعبه.

لقد بات واضحاً أن الهدف من كل ذلك هو تجزئة الدول التي تشكل خطراً على إسرائيل بعد ادخالها في صراعات طائفية, وتحويل جيشها إلى شرطي أمن في الداخل بعد أن كان خطراً يهدد أمن إسرائيل طوال عقود. فهل من سياسة حكيمة تجنب العراق ما يخطط له ويدار, وهل تنفع سياسة العزلة دون ضرر ولا ضرار؟. لاسيما وأن العراق في احوج ما يكون لتبني سياسة الحياد والانصراف لبناء الداخل واضفاء الاعتبارات الوطنية للنجاة من فخ الطائفية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى