عودة التيار الصدري المتوقعة في الانتخابات القادمة: قراءة في الدوافع والتحديات

 

 

الحقوقية انوار داود الخفاجي

التيار الصدري، بقيادة رجل الدين الشيعي السيد مقتدى الصدر، يمثل أحد أبرز القوى السياسية في العراق التي تركت بصمة واضحة في المشهد السياسي منذ عام 2003. هذا التيار، الذي يجمع بين الطابع الديني والسياسي، شهد مراحل متعددة من القوة والتراجع، لكنه ظل مؤثرًا على الساحة السياسية والشعبية. ومع اقتراب موعد الانتخابات القادمة، تبرز التساؤلات حول احتمالية عودته بقوة إلى المشهد السياسي، والدوافع التي قد تدعم هذا السيناريو، بالإضافة إلى التحديات التي تواجهه. ومن ابرزالدوافع وراء عودة التيار الصدري

 

*الرصيد الشعبي*: يمتلك التيار الصدري قاعدة شعبية واسعة، خاصة في المناطق الجنوبية والوسطى من العراق. هذه القاعدة، التي تضم شرائح متعددة من المجتمع العراقي، تتميز بولائها العميق للتيار، نتيجة لخطابه الديني والسياسي الذي يلامس هموم الناس.

 

*القدرة على التكيّف:* أثبت التيار الصدري مرونة سياسية عالية وقدرة على التكيّف مع المتغيرات الداخلية والإقليمية. هذا التكيف مكّنه من البقاء حاضرًا رغم الأزمات التي عصفت بالعراق، سواء على الصعيد الأمني أو الاقتصادي أو السياسي.

*تبني هموم الغالبية الكبرى من الشعب:* يعاني العراق من أزمات متفاقمة، مثل البطالة، تردي الخدمات، والفساد المستشري. التيار الصدري لديه سجل حافل في تبني قضايا المواطنين .هذه التبني لهموم الشارع تدعم شعبيته من خلال تقديم نفسه كمدافع عن حقوق الشعب ومناهض للفساد.

*العلاقات الإقليمية والدولية:* في السنوات الأخيرة، سعى السيد مقتدى الصدر إلى تعزيز موقعه من خلال بناء علاقات متوازنة مع دول الجوار والقوى الدولية، مما أكسبه دعمًا خارجيًا يمكن أن ينعكس إيجابًا على حظوظه الانتخابية.

ورغم قوة هذه الدوافع الا هناك العديد من التحديات التي تواجه التيار الصدري ابرزها

*الانقسامات الداخلية:* تعرض التيار الصدري لعدة انشقاقات داخل صفوفه، مما أثر على تماسكه. هذه الانقسامات قد تؤثر على قدرته في حشد الدعم الكامل من قاعدته الشعبية التقليدية.

*المنافسة السياسية:* الساحة السياسية العراقية تزخر بالعديد من القوى والأحزاب التي تسعى لتعزيز نفوذها. هذا الوضع يفرض على التيار الصدري تحديًا في التنافس على أصوات الناخبين، خاصة في ظل تصاعد أصوات مستقلة وأخرى تمثل الحراك الشعبي.

*التحديات الأمنية:* العراق لا يزال يواجه تهديدات أمنية، خاصة من الجماعات المسلحة والتنظيمات الإرهابية. هذه التحديات قد تؤثر على سير الانتخابات واستقرار المناطق التي يتمتع فيها التيار الصدري بتأييد واسع.

*الانتقادات الشعبية:* رغم شعبية التيار الصدري، إلا أنه لم يكن بمنأى عن الانتقادات، خاصة فيما يتعلق بمشاركته في الحكومات السابقة والانتقادات بخصوص تحقيق إصلاحات جذرية ملموسة للمجتمع.

عودة التيار الصدري بقوة في الانتخابات القادمة قد تكون مشروطة بقدرته على توحيد صفوفه واستثمار الظرف الحالي لصالحه. إذا تمكن من تقديم برنامج انتخابي مقنع يعالج الأزمات الرئيسية التي يواجهها الشعب العراقي، فإنه قد ينجح في استعادة مكانته كقوة سياسية مؤثرة.

في المقابل، فإن التحديات التي تواجهه قد تفرض عليه خيارات صعبة، خاصة إذا ما استمرت الانقسامات الداخلية أو تصاعدت المنافسة من القوى الأخرى. لكن، وبالنظر إلى خبرة التيار الصدري الطويلة في السياسة العراقية، فإن عودته تظل احتمالًا قويًا في ظل الظروف الراهنة.

وفي الختام التيار الصدري يمثل ظاهرة فريدة في السياسة العراقية، حيث يجمع بين الطابع الديني والسياسي والاجتماعي. عودته المتوقعة في الانتخابات القادمة ستكون نتيجة حتمية للتوازن بين قدرته على تجاوز التحديات واستثمار الفرص المتاحة. ومع ذلك، يبقى السؤال الأهم: هل سيتمكن التيار الصدري من تقديم رؤية إصلاحية حقيقية تعيد ثقة الشعب العراقي بالنظام السياسي؟

زر الذهاب إلى الأعلى