بغداد -لندن مستقبل دولي مستدام

 

بقلم :- الحقوقية انوار داود الخفاجي

تُعتبر العلاقات الدولية أحد الركائز الأساسية في بناء مستقبل الدول، خاصةً في ظل عالم مترابط تسوده التحديات المشتركة والمصالح المتبادلة. وفي هذا السياق، تُعدّ العلاقة بين العراق والمملكة المتحدة من العلاقات المهمة التي تحمل في طياتها إمكانيات كبيرة لتعزيز التعاون في مجالات مختلفة مثل الاقتصاد، الأمن، التعليم، والثقافة.

تمتد العلاقة بين العراق والمملكة المتحدة لعدة عقود، حيث لعبت المملكة دوراً بارزاً في تاريخ العراق الحديث، خاصة خلال فترة الانتداب البريطاني في أوائل القرن العشرين. ورغم التحديات التي مرّت بها العلاقة بين البلدين على مر الزمن، فإن الإرادة المشتركة للتعاون وتحقيق المصالح المتبادلة ظلت قائمة.

يمثل تعزيز التعاون الاقتصادي بين العراق والمملكة المتحدة عاملاً محورياً في تقوية العلاقات الثنائية. العراق يمتلك ثروات طبيعية هائلة، خصوصاً في قطاع النفط والغاز، بينما تتميز المملكة المتحدة بخبرتها الكبيرة في التكنولوجيا، الطاقة المتجددة، والخدمات المالية. من خلال الشراكات الاستراتيجية، يمكن للعراق الاستفادة من الخبرات البريطانية في تطوير بنيته التحتية وتنويع اقتصاده بعيداً عن الاعتماد على النفط فقط.

على الجانب الآخر، يمكن للمملكة المتحدة أن تجد في العراق سوقاً واعدة لصادراتها واستثماراتها، مما يعزز من مكانتها الاقتصادية عالمياً بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.

و يُعتبر التعاون الأمني بين العراق والمملكة المتحدة أمراً حيوياً، لا سيما في ظل التحديات التي تواجه العراق في مكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار الداخلي. لعبت المملكة المتحدة دوراً مهماً ضمن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش، وقدّمت دعماً مادياً وتقنياً للقوات العراقية. ان استمرار هذا التعاون يسهم في تعزيز أمن العراق واستقراره، مما ينعكس إيجابياً على المنطقة بأكملها.

وايضا يمثل التعليم والثقافة جسراً مهماً لتعزيز العلاقات بين الشعبين العراقي والبريطاني. يمكن تعزيز التبادل الثقافي والأكاديمي بين البلدين من خلال تقديم المزيد من المنح الدراسية للطلاب العراقيين في الجامعات البريطانية، فضلاً عن تشجيع التعاون البحثي بين المؤسسات الأكاديمية. مثل هذه الخطوات تسهم في بناء جسور الثقة والتفاهم وتعزيز الصورة الإيجابية للعراق في المملكة المتحدة والعكس.

وكذلك تعتبر المملكة المتحدة واحدة من أعرق الديمقراطيات في العالم، ولديها خبرة طويلة في بناء المؤسسات وتطبيق مبادئ الحكم الرشيد. يمكن للعراق الاستفادة من هذه التجربة من خلال التعاون في مجالات مثل تعزيز سيادة القانون، مكافحة الفساد، وبناء المؤسسات الحكومية.

رغم الفرص الكبيرة، تواجه العلاقات بين العراق والمملكة المتحدة تحديات مثل التوترات الإقليمية، التدخلات الدولية، والاختلافات السياسية في بعض الملفات. لذا، فإن بناء شراكة قوية ومستدامة يتطلب إرادة سياسية مشتركة، واحترام السيادة، والتركيز على المصالح المشتركة.

في خلاصة القول إن تقوية العلاقات بين العراق والمملكة المتحدة ليست مجرد خيار، بل هي ضرورة لتحقيق المصالح المتبادلة والتنمية المستدامة لكلا البلدين. من خلال التعاون في المجالات الاقتصادية، الأمنية، التعليمية، والثقافية، يمكن لهذه العلاقة أن تسهم في بناء عراق مستقر ومزدهر، وفي الوقت نفسه تعزيز مكانة المملكة المتحدة كشريك عالمي موثوق في الشرق الأوسط.

زر الذهاب إلى الأعلى